في إطار تنفيذ برنامج التدريب وبناء القدرات السنوي للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وضمن أنشطة التعاون القائم ما بين الهيئة واللجنة الدولية لعلوم المحيطات التابعة لليونيسكو والمبادرة العالمية لتخطيط الحيز البحري، عقدت الهيئة دورة تدريبية وطنية حول “تخطيط الحيز البحري” وذلك في مقر الهيئة بمدينة جدة خلال الفترة 16 – 17 ديسمبر 2024.
شارك في الدورة التدريبية حوالي 19 متخصصا يمثلون مختلف الجهات الوطنية وأصحاب المصلحة المعنيين بتخطيط الحيز البحري في المملكة العربية السعودية. وقد هدفت إلى تعريف المشاركين بمفهوم تخطيط الحيز البحري وأهميته في تحقيق التنمية المستدامة، وعلاقته بالموارد البحرية والتنوع البيولوجي والاقتصاد الأزرق المستدام، بالإضافة إلى بناء القدرات لتحقيق التناغم والتكاملية ما بين القطاعات المختلفة المعنية بالبيئة البحرية والساحلية في مراحل التخطيط وبالتالي تحقيق أقصى فائدة بيئية واجتماعية واقتصادية من البيئة البحرية.
افتتحت الدورة التدريبية تحت رعاية سعادة أمين عام الهيئة الذي رحب بالحضور وأكد على أهمية تخطيط الحيز البحري كأحد أهم الأدوات في إدارة الموارد البحرية والساحلية في الوقت الحاضر، حيث يعمل على الحد من تضارب المصالح بين مستخدمي البيئة البحرية والساحلية ويساهم في تحقيق التوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وهي التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة، كما يتم من خلال تخطيط الحيز البحري وضع خطط الإدارة للموارد البيئية ومختلف الخدمات التي يقدمها النظام البيئي، والتوزيع المكاني والزماني للأنشطة البشرية في الحيز البحري، علاوة على ذلك يساهم تخطيط الحيز البحري في تعزيز التعاون بين مختلف الإدارات على المستوى الوطني وعبر الحدود بالإضافة إلى المستوى الإقليمي.
قدم المادة التدريبية خبراء من الهيئة، واشتملت على جزئين، جزء نظري، وجزء تطبيقي عملي، حيث تم خلال اليوم الأول تقديم الجزء النظري، تناول التعريف بالمفاهيم والمبادئ الرئيسية المتعلقة بالبيئة البحرية والساحلية وتخطيط الحيز البحري، وعلاقته بالإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، وأهميته في تنمية واستدامة الموارد البحرية وخدمات النظام البيئي، وارتباطه بالاقتصاد الأزرق المستدام، بالإضافة للعلاقة بين تخطيط الحيز البحري ومبادرات ومشاريع الهيئة الحالية والمستقبلية. كما تناولت العروض التقديمية مراحل وخطوات إعداد خطة الحيز البحري، بما في ذلك تحديد الأهداف والنطاق، وإشراك أصحاب المصلحة، وجمع وتحليل البيانات، وتطوير وتقييم السيناريوهات المختلفة، ووضع مسودة الخطة، والتشاور مع أصحاب المصلحة، وتنفيذ الخطة، بالإضافة للرصد وتقييم فعالية التنفيذ.
وفي اليوم الثاني تم تنفيذ تدريب عملي على أساسيات تخطيط الحيز البحري باستخدام نموذج محاكاة “تحدي تخطيط الحيز البحري” والذي حصلت عليه الهيئة من خلال التعاون مع اللجنة الدولية لعلوم المحيطات التابعة لليونيسكو والمبادرة العالمية لتخطيط الحيز البحري “MSP Global”، والذي عملت اللجنة الدولية لعلوم المحيطات على تطويره بالتعاون مع المفوضية الأوروبية ووزارة البيئة والبنية التحتية والمياه الهولندية، وقامت الهيئة بترجمة النموذج إلى اللغة العربية. هذه المحاكاة لعملية تخطيط الحيز البحري تقوم على فكرة بحر إقليمي وهمي (بحر ريكا) يضم ثلاثة دول متشاطئة (دولة جزيريه، ودولة شبه جزيرة ودولة ساحلية) ولدى كل دولة أهدافها الاستراتيجية ومواردها واهتماماتها وتسعى كل دولة إلى تحقيق أهداف بيئية واقتصادية واجتماعية، وقد تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات تمثل كل مجموعة إحدى هذه الدول، والمطلوب أن يقوم المشاركون بتقمص أدوار أصحاب المصلحة (مثل ممثلي الصناعة، والمحافظة على البيئة، والمسؤولين الحكوميين) ومحاكاة عملية تخطيط الحيز البحري، وسينشأ عن محاولة استغلال الحيز البحري لتلبية هذه الاهتمامات تضارب في المصالح، والهدف الآن هو إجراء التفاهمات والنقاش بين أصحاب المصلحة المختلفين بغرض الوصول إلى أفضل تناغم بين الأنشطة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول على المستويات الوطنية، وعبر الحدود والإقليمية.
في ختام الدورة التدريبية، تم عقد جلسة نقاش حول الدروس المستفادة والتوصيات، واتفق المشاركون على عدد من التوصيات كان من أهمها حث الهيئة على الاستمرار تنفيذ البرامج التدريبية المماثلة والتوسع فيها، وعقد برامج وورش عمل إقليمية في مجال تخطيط الحيز البحري، كما تم اقتراح تضمين مفاهيم تخطيط الحيز البحري في خطط ومناهج الدراسة الجامعية. وقد تم تزويد جميع المشاركين بالوثائق ومواد التدريب ذات الصلة، وبناءً على نتائج التقييم وملاحظات المشاركين، كانت الدورة التدريبية الوطنية ناجحة للغاية وحققت أهدافها العامة.
